responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 67
وَزَادَ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضًا وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ» ، وَأَمَّا كَوْنُهُ سُنَّةً لِلْإِحْرَامِ فَبِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْحَجِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ» وَذَهَبَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَغْسَالَ الْأَرْبَعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ إنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ حَسَنٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهُوَ النَّظَرُ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْوُجُوبَ انْتَسَخَ لَا يَبْقَى حُكْمٌ آخَرُ بِخُصُوصِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ
وَإِنْ حَمَلْنَا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ فَدَلِيلُ النَّدْبِ يُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ إذْ لَا سُنَّةَ دُونَ مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ ذَلِكَ لَازِمَ النَّدْبِ ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ بَاقِي الْأَغْسَالِ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى إلَى الْفَرْعِ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ مِنْ حَدِيثَيْ الْفَاكِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمَا فَضَعِيفَانِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْإِهْلَالِ فَوَاقِعَةُ حَالٍ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُوَاظَبَةَ فَاللَّازِمُ الِاسْتِحْبَابُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إهْلَالُهُ اسْمُ جِنْسٍ فَيَعُمُّ لَفْظًا كُلَّ إهْلَالٍ صَدَرَ مِنْهُ فَثَبَتَتْ سُنِّيَّةُ هَذَا الْغُسْلِ اهـ.
لَكِنْ قَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اسْتِنَانُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لِمَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَمِنْ الْحِجَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ظَاهِرُهُ يُفِيدُ الْمُوَاظَبَةَ وَمَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ جَوَازَ التَّرْكِ مِنْ غَيْرِ لَوْمٍ، وَبِهَذَا الْقَدْرِ تَثْبُتُ السُّنَّةُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْغُسْلُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْوَقْتِ، وَعِنْدَ الْحَسَنِ لِلْيَوْمِ إظْهَارًا لِفَضِيلَتِهِ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ ذُكِرَ مُحَمَّدٌ مَكَانَ الْحَسَنِ وَقَالُوا الصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ أَوْ لَا وَفِيمَنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى بِهِ الْجُمُعَةَ لَا يَكُونُ لَهُ فَضْلُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَفِيمَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَعِنْد أَبِي يُوسُفَ لَا وَعِنْدَ الْحَسَنِ نَعَمْ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُونَ وَالْمَنْقُولُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُعْتَبَرُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِي؛ لِأَنَّ سَبَبَ مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الْغُسْلِ لِأَجْلِ إزَالَةِ الْأَوْسَاخِ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ اللَّازِمِ مِنْهَا حُصُولُ الْأَذَى عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
وَإِنْ كَانَ يَقُولُ هُوَ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْحَدَثِ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضُرُّ وَفِي الْكَافِي لِلْمُصَنِّفِ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَصَلَّى بِهِ الْجُمُعَةَ نَالَ فَضْلَ الْغُسْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ الْحَسَنِ لَا وَتَعَقَّبَ الزَّيْلَعِيُّ الْحَسَنَ بِأَنَّهُ مُشْكِلٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الِاغْتِسَالِ بِمَا سُنَّ الِاغْتِسَالُ لِأَجْلِهِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا بِطَهَارَةِ الِاغْتِسَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَا يَشْتَرِطُ الِاغْتِسَالَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِطَهَارَةِ الِاغْتِسَالِ، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا مُتَطَهِّرًا بِطَهَارَتِهِ فِي سَاعَةٍ مِنْ الْيَوْمِ عِنْدَ الْحَسَنِ لَا أَنْ يُنْشِئَ الْغُسْلَ فِيهِ اهـ.
وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ بِقَوْلِهِ أَلَا تَرَى إلَى آخِرِهِ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِشْهَادِ؛ لِأَنَّ مَا سُنَّ الِاغْتِسَالُ لِأَجْلِهِ عِنْدَ الْحَسَنِ، وَهُوَ الْيَوْمُ يُمْكِنُ إنْشَاءُ الْغُسْلِ فِيهِ فَلَوْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِهِ أَمْكَنَ بِخِلَافِ مَا سُنَّ الِاغْتِسَالُ لِأَجْلِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الصَّلَاةُ لَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ الْغُسْلِ فِيهَا فَافْتَرَقَا لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ إنْ اغْتَسَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]
(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَ الزَّيْلَعِيُّ الْحَسَنَ بِأَنَّهُ مُشْكِلٌ جِدًّا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَا فِي الْكَافِي مَسْطُورٌ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ إلَى مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَإِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَسَنِ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى صَرْفُ النَّظَرِ فِي إبْدَاءِ وَجْهِهَا وَلَا مَانِعَ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اشْتَرَطَ إيقَاعَ الْغُسْلِ فِيهِ إظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَمَزِيدِ اخْتِصَاصِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَعَرَفَةَ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِلثَّانِي إيقَاعُهُ فِي الصَّلَاةِ لِلْمُنَافَاةِ نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَسَنِ فَيَجُوزُ أَنَّ عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِي صَدْرِ كَلَامِهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ فِي ثُبُوتِ الرِّوَايَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إشْكَالُهُ فِي كَلَامِ الْحَسَنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست